استشاري نظم أمنية: إدخال مادة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في المناهج إعلان تحول حضاري

قال المهندس أحمد حامد، استشاري النظم الأمنية والذكاء الاصطناعي، ومستشار عام النظم الأمنية بالجمعية المصرية للأمم المتحدة، إنه في ظل مشهد سياسي واقتصادي يتغير كل دقيقة، لا يوجد قرار يحمل بُعدًا استراتيجيًا حقيقيًا أكثر من الاستثمار في العقل البشري، موضحًا أن توجيه الرئيس عبدالفتاح السيسي بدراسة إدخال مادة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية ليس قرارًا وزاريًا تقنيًا فحسب، بل هو إعلان تحول حضاري؛ فجيل لا يُفكر بلغة التكنولوجيا لن يصنع دولة.
وأضاف “حامد”، أننا نعيش حاليًا في سباق حقيقي بين من يملك المعرفة ومن يستهلكها فقط؛ فالذكاء الاصطناعي اليوم لم يعد خيالًا علميًا، بل أداة نستخدمها يوميًا في الأمن، والصحة، والنقل، والتعليم، والاقتصاد، وحتى في الزراعة، ولذلك فإن تدريس التكنولوجيا لا يعني “شرح أجهزة” أو “تعريف الطلاب بمواقع إلكترونية”، بل يعني تعليم طريقة جديدة في التفكير، قائمة على
تحليل المعلومة وفهم الأنظمة من الداخل واستخدام التقنية لا استهلاكها، موضحًا أن هناك ثلاثة أسباب تجعل هذا التوجيه نقطة تحول في تاريخ التعليم المصري وهي أن الاقتصاد القادم قائم على البرمجيات، لا المباني فقط، حيث أن سوق العمل لن يرحم من لا يفهم كيف تعمل التطبيقات، والخوارزميات، وتحليل البيانات، والجيل الجديد يحتاج أن يكون صانعًا لا تابعًا.
وأوضح أن السبب الثاني يتمثل في أن أمن الدول يبدأ من وعي الأفراد، حيث أنه كلما فهم المواطن كيف تُدار التكنولوجيا، كلما أصبح أقل عُرضة للاختراق، وأقدر على حماية نفسه، ومجتمعه، ودولته، فضلا عن أن التحول الرقمي لا يُبنى بالبنية التحتية فقط، بل بالعقول، حيث يُمكنك شراء خوادم وتطبيقات، لكن لا يُمكنك شراء عقل يفكّر ويبتكر، وهذا يتم فقط من المدرسة، معقبًا: دعونا لا نكرر أخطاء كثيرة في تجارب تطوير التعليم ولا نُحمّل الطالب مادة جديدة مُعقدة؛ بل نخلق تجربة تفاعلية تبدأ من تساؤلاته اليومية، ولا نطلب من المعلم أن يكون خبير برمجة، ونطلب أن يكون قادرًا على تبسيط المفهوم وإثارة الفضول، ولا نُدرّس الذكاء الاصطناعي كمنتج غريب، بل نُقدّمه كأداة حلّ لمشاكل نعيشها فعلًا زحام المرور، وخطورة الجرائم الإلكترونية، وضعف الخدمات.
ولفت إلى أن العمل في مشاريع تستخدم الكاميرات الذكية، وأنظمة التعرف على الوجه، وتحليل السلوك، والإنذار المبكر باستخدام الذكاء الاصطناعي التي كانت يومًا “معجزة تقنية” أصبحت اليوم أدوات عادية في بيئة عملنا، موجهًا نصائح للمسؤولين والمعلمين وأولياء الأمور بأن يجعلوا التقنية لغة حوار، لا مادة امتحان، فضلا عن العمل على خلق مناخ تعليمي يُشجع التساؤل والتجريب، لا الحفظ والنسخ، وعدم انتظار الكمال، معقبًا: ابدأوا بخطوة، فكل جيل لم يتعلم هو فرصة ضاعت، وهكذا نضمن أمن رقمي مصري الصنع، ووظائف مستقبلية لا تعتمد على الخارج، وعقل مصري قادر على المنافسة لا مجرد المتابعة.