السبت 25 أكتوبر 2025 02:34 صـ 2 جمادى أول 1447 هـ
قضية رأي عام
رئيس مجلس الإدارة هشام ابراهيم رئيس التحرير محمد صلاح
×

ألسن عين شمس تنظم ندوة بعنوان ”حرب أكتوبر من 1973 إلى 2025”.. قراءة تحليلية من منظور مغاير

الجمعة 24 أكتوبر 2025 11:20 مـ 2 جمادى أول 1447 هـ
ألسن عين شمس تنظم ندوة بعنوان ”حرب أكتوبر من 1973 إلى 2025”.. قراءة تحليلية من منظور مغاير

جمال الدالي

نظّم قطاع خدمة المجتمع وتنمية البيئة بكلية الألسن جامعة عين شمس ندوة علمية بعنوان "حرب أكتوبر من 1973 إلى 2025"، تحت رعاية أ.د. محمد ضياء زين العابدين، رئيس الجامعة، وأ.د. غادة فاروق، نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، وأ.د. سلوى رشاد، عميد الكلية، وإشراف أ.د. يمنى صفوت، وكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة.
جاءت الندوة في إطار حرص الكلية على تنمية وعي الطلاب بتاريخ وطنهم المجيد، وإبراز الدروس المستفادة من انتصارات أكتوبر وربطها بالواقع الراهن، وذلك بمشاركة نخبة من الأساتذة والطلاب من مختلف الأقسام العلمية بالكلية.
وفي مستهل الندوة، وقف الحضور دقيقة حداد على روح أ.د. أيمن سلامة، أستاذ القانون الجنائي، الذي رحل عن عالمنا مؤخرًا، تقديرًا لعطائه العلمي ومسيرته الوطنية.
ونعت كلية الألسن برئاسة أ.د. سلوى رشاد، الفقيد الراحل، مؤكدة أنه كان مثالًا للعالم الجليل والمواطن المخلص الذي أفنى حياته في خدمة وطنه وإثراء الفكر القانوني، مشيرةً إلى أن الساحة الأكاديمية فقدت أحد رموزها البارزين في مجال القانون الجنائي، وأن ذكراه ستظل باقية بما قدّمه من علم وجهد وإسهامات وطنية مخلصة.
أفتتحت أ.د. يمنى صفوت فعاليات الندوة مرحبةً بالحضور، مؤكدة أن هذا اللقاء يأتي لتناول حرب أكتوبر من منظور تحليلي جديد، يختلف عن السرد التقليدي للأحداث، من خلال دراسة انعكاساتها في الوعي الإسرائيلي والعربي على حد سواء، حتى عام 2025.
وأوضحت أن الهدف من الندوة هو نقل الوعي التاريخي من مجرد “ذكرى وطنية” إلى “تحليل استراتيجي وثقافي”، يبرز كيف استطاعت مصر أن تغيّر خريطة الشرق الأوسط، وأن تُعيد صياغة مفاهيم القوة والسيادة والكرامة الوطنية.
وخلال الندوة، قدم أ.د. أحمد فؤاد أنور، أستاذ اللغة العبرية بجامعة الإسكندرية والمتخصص في الشأن الإسرائيلي، عرضًا تحليليًا مفصلاً حول نظرة المجتمع الإسرائيلي لحرب أكتوبر، موضحًا أن ما بين عامي 1973 و2025 لم يلتئم الجرح الإسرائيلي بعد، وأن الصدمة التي أحدثها العبور المصري ما زالت تمثل عقدة نفسية واستراتيجية في الفكر الإسرائيلي حتى اليوم.
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي، الذي كان يُروّج له كقوة لا تُقهر، تلقّى في أكتوبر 1973 ضربة غير مسبوقة كسرت غروره وأجبرته على إعادة النظر في منظومته العسكرية والاستخباراتية. وأضاف أن شهادات القادة العسكريين الإسرائيليين نفسها تؤكد أن المخابرات المصرية نجحت في "خداع استراتيجي" من الطراز الأول، أربك مراكز صنع القرار في تل أبيب.
وتطرق المحاضر إلى شخصية أشرف مروان، مشيرًا إلى أن الوثائق الإسرائيلية تعترف بذكائه في تضليل الأجهزة الإسرائيلية، بعدما تمكن من تحديد مواعيد خاطئة لبدء الحرب أكثر من مرة، ما كبّد إسرائيل خسائر مالية ضخمة في التعبئة دون جدوى، قبل أن يُفاجأوا بالعبور الحقيقي في السادس من أكتوبر أثناء اجتماع الحكومة الإسرائيلية صباح ذلك اليوم.
وأكد أ.د. أنور على الدور الحاسم الذي لعبته المخابرات المصرية في رصد تحركات القيادات الإسرائيلية وكشف شفراتهم وخططهم العسكرية، مشيرًا إلى أن هذا النجاح لم يكن ليتحقق دون تكامل الجهود بين رجال المخابرات والمترجمين المصريين، ومن بينهم خريجو كلية الألسن الذين ساهموا بمهارتهم اللغوية في تحليل الوثائق والاتصالات وترجمة الرسائل المشفّرة، مما كان له أثر مباشر في التخطيط للعمليات الحربية بدقة عالية.
كما تطرق د. أنور إلى التحول الاستراتيجي الذي أحدثه تحطيم خط بارليف، مؤكداً أن العقول المصرية قدّمت للعالم نموذجاً فريداً في الإبداع العسكري، بعد أن استخدمت فكرة علمية بسيطة وهي الاعتماد على ضغط المياه لإزالة الساتر الترابي خلال ساعات معدودة، في حين كان العدو يروّج أن اختراقه يحتاج إلى قنابل نووية.
وأوضح أن نجاح قواتنا المسلحة في عبور قناة السويس وإقامة رؤوس الكباري على الضفة الشرقية كان إعلاناً عملياً بانتهاء "أسطورة الجيش الذي لا يُقهر".
وانتقل الحديث بعد ذلك إلى المشهد الإسرائيلي الراهن، حيث أوضح أ.د. أنور أن إسرائيل تعيش اليوم أزمة حقيقية في أركان قوتها، سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية، مشيراً إلى أن الانقسام الداخلي بات يهدد وحدة المجتمع الإسرائيلي، وأن استطلاعات الرأي الحديثة تشير إلى أن ما يقرب من نصف السكان يرفضون الدخول في أي حرب جديدة.
وأضاف أن أبناء رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي يعيشون خارج البلاد، رفضاً لسياسات الحكومة، وهو ما يعكس تراجع الثقة داخل النخبة الحاكمة نفسها.
كما استعرض الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مشيرًا إلى تعدد الفصائل واختلاف توجهاتها، مقابل استمرار ممارسات الاحتلال التي تتعمد التعتيم على الانتهاكات، حيث تُقيّد حرية الأسرى المفرج عنهم في الحديث للإعلام، وتُفرض عليهم روايات محددة مقابل امتيازات أو أموال.
وخلال الندوة، تحدث أ.د. عاطف بهجات، الأستاذ المتفرغ بقسم اللغة العربية بكلية الألسن، عن معركة المنصورة الجوية التي وقعت في 14 أكتوبر 1973، مؤكداً أنها تمثل إحدى أعظم معارك سلاح الجو المصري والعالمي، حيث خاضت القوات الجوية المصرية معركة استمرت أكثر من 50 دقيقة متواصلة، تمكنت خلالها من إسقاط أكثر من 17 طائرة إسرائيلية دون أن تفقد سوى عدد محدود من الطائرات المصرية، لتثبت أن سماء مصر لا يمكن اختراقها.
وأشار إلى أن هذه المعركة كانت نقطة تحول في مجريات الحرب، وأعادت الثقة للشعب المصري والعربي في قدرته على الصمود والانتصار.
وفي ختام الندوة، أكدت أ.د. يمنى صفوت، وكيل الكلية، أن كلية الألسن تحرص دائمًا على أن تكون منبرًا لنشر الوعي الوطني بين طلابها، وربط التاريخ بالواقع، موضحةً أن استدعاء بطولات أكتوبر لا يهدف فقط إلى تمجيد الماضي، بل إلى غرس روح الانتماء والمسؤولية في نفوس الأجيال الجديدة.
كما وجهت أ.د. يمنى صفوت الشكر للمحاضرين والحضور، مؤكدة أن ما قدمته الندوة من رؤية تحليلية جديدة يسهم في إثراء الفكر الوطني وتعميق فهم الطلاب للواقع السياسي والإقليمي.
شهدت الندوة حضورًا واسعًا من أعضاء هيئة التدريس والطلاب، الذين شاركوا في مناقشات ثرية حول أبعاد الحرب ونتائجها الاستراتيجية، مؤكدين فخرهم بتاريخ وطنهم وبطولات قواته المسلحة التي سطّرت أنصع صفحات النصر في التاريخ الحديث.