حكم الشرع في تنازل الأب عن أملاكه لبناته حال حياته.. بعد واقعة وائل الابراشي

فتحت واقعة ميراث الإعلامي الراحل وائل الإبراشي التساؤل حول جواز كتابة الأب الميراث لبناته حال حياته، وذلك بعدما قضت محكمة استئناف القاهرة برفض الدعوى المقامة من شقيقة الإبراشي المتعلقة بتنازله عن أحد أملاكه لصالح ابنته الوحيدة، والتي طالبت بإبطال هذا التصرف بزعم أنه تم خلال مرض الموت.
جاء في الدعوى رقم 4955 لسنة 142 قضائية أمام الدائرة (14) مدني استئناف عالٍ القاهرة مؤكدًا أن المحكمة أيدت حكم أول درجة القاضي برفض الدعوى بعد أن ثبت بالتقارير الطبية والمستندات الرسمية أن الإعلامي الراحل لم يكن يعاني مرضًا مزمنًا أو مرض موت عند إتمام التصرف محل النزاع
دار الإفتاء بدورها تلقت في وقت سابق يقول فيه صاحبه: "يرغب السائل في كتابة العقار الذي يمتلكه لبناته الخمس حال حياته، ويسأل: هل هذا التصرف جائز شرعًا؟"، وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي:
يَجوزُ للإنسان في حالِ حياتِه، وكَمالِ أهليته؛ بالبُلُوغِ والعَقلِ والاختيارِ وعَدَمِ الحَجْرِ عليه أن يتصرّف في ملكه تَصرُّفًا ناجِزًا بِشتَّى أنواع التصرفات المشروعة كما يشاء حسبما يراه مُحَقِّقًا للمَصلحة.
فإذا تصرف الإنسانُ ذلك التصرف الناجِز ثُمَّ مات فإنَّ هذه التصرفات - سواء أكانت هِبَاتٍ أم تنازُلاتٍ أم بُيُوعًا أم غيرَ ذلك - هي عُقودٌ شرعيةٌ صحيحةٌ نافِذَةٌ يُعمَل بها، ولا تَدخُل الأشياءُ التي تصرّف فيها بهذه العُقُودِ ضِمنَ التركة، بل تَكُونُ حَقًّا خالِصًا لِمَن كُتِبَت له لا يُشارِكُه فيها غيرُه مِن ورثة الميت، ولا حَقَّ لهم في المُطالَبة بشيءٍ منها
وقد يَخصُّ الإنسانُ بعضَ مَن يَصيرون ورثتَه أو غيرَهم بشيءٍ زائدٍ؛ لمعنًى صحيحٍ مُعتَبَرٍ شرعًا؛ كمُوَاسَاةٍ في حاجَةٍ، أو مَرَضٍ، أو بَلَاءٍ، أو كَثرَةِ عِيَالٍ، أو لِضَمَانِ حَظِّ صِغَارٍ أو لمُكافأةٍ على بِرٍّ وإحسانٍ، أو لمَزيدِ حُبٍّ، أو لمُساعَدَةٍ على تَعليمٍ، أو زواجٍ، أو غيرِ ذلك، ولا يَكونُ بذلك مُرتكِبًا للجَور أو الحَيف؛ لِوُجُودِ عِلَّة التفضيل، وبهذا يُعَلَّلُ ما وُجِد مِن تفضيلِ بَعضِ الصحابةِ رضي الله تعالى عنهم لِنَفَرٍ مِن ورثتهم على نَفَرٍ آخَر، كما رُويَ ذلك عن أبي بَكرٍ وعائشة رضي الله تعالى عنهما وغيرِهما، وبهذا يُفهَم اختيارُ الجمهورِ لِاستِحبابِ المُسَاواةِ بين الأولادِ في العَطِيَّةِ وعَدَمِ قولِهم بالوجوب
وبِناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فما ترغب فيه من كتابة هذا العقار لبناتك حال حياتك هو أمر جائز شرعًا، ولا إثم عليكَ في ذلك؛ لأنك إنما تتَصَرَّف فيما تملكه حسبما تراه مُحَقِّقًا لِلمَصلحة.