الخميس 12 يونيو 2025 11:36 مـ 15 ذو الحجة 1446 هـ
قضية رأي عام
رئيس مجلس الإدارة هشام ابراهيم رئيس التحرير محمد صلاح
×

مظهر شاهين يحذر من المتطفلين في المجتمع، و يطالب بصدارة أهل التخصص

الأربعاء 11 يونيو 2025 09:18 مـ 14 ذو الحجة 1446 هـ
الدكتور/ مظهر شاهين
الدكتور/ مظهر شاهين

اصدر الدكتور مظهر شاهين خطيب الثورة بيانا أكد فيه علي ضرورة احترام اهل التخصص في شتي المجالات، وحذر فيه من المتطفلين علي المجتمع، وجاء في بيانه …..

تحذير من المتطفلين على المجتمع… حين يتكلم من لا شأن له”

في كل زمان ومكان، يبرز على سطح المشهد الاجتماعي صنف غريب من الناس، لا يحمل مؤهلات حقيقية، ولا يمتلك رصيدًا من الفهم أو الوعي أو الخبرة، لكنه يتصدر الصفوف، ويتكلم في كل أمر، ويُدلي بدلوه في ما لا يحسنه، ويُزايد على المتخصصين، ويتطفل على ساحات لم يُدعَ إليها.

هؤلاء هم المتطفلون على المجتمع… الذين لا يقيمون وزنًا للتخصص، ولا يحترمون عقول الناس، بل يجعلون من أنفسهم “خبراء في كل شيء”، وينصبون أنفسهم أوصياء على القيم، والوعي، والرأي العام، دون سند علمي أو سلوك أخلاقي يؤهلهم لذلك.

تراهم يفتون بغير علم، ويتكلمون في الدين بلا خلفية شرعية، ويخوضون في السياسة بلا معرفة، وينتقدون الفن بلا ذائقة، ويحكمون على العلماء والمفكرين بلا أدنى فهم. والأسوأ من ذلك: أنهم يتصدّرون الشاشات، ويتسيّدون منصات التواصل، فيسوقون أنفسهم بعبارات رنانة لا مضمون لها، ويصنعون حضورًا شكليًّا يُربك البسطاء ويضلل غير المتخصصين.

إن خطر هؤلاء لا يقتصر على إضاعة الوقت، بل يمتد إلى تشويه الوعي، وإفساد الذوق، وتضليل الناس عن الحق، وإضعاف هيبة التخصص والعلم. فحين يتساوى المتعلم والجاهل، والمخلص والمدّعي، والعالم والمتطفل، تنهار معايير البناء الاجتماعي وتضطرب منظومة القيم.

والعجيب أن المتطفل لا يشعر أبدًا بأنه متطفل، بل يرى نفسه مرشدًا ومصلحًا ومجددًا، ويظن أن صوته العالي يُغني عن الحجة، وأن التفاعل الرقمي يُغني عن القَبول الحقيقي، وأن التصدر الإعلامي يُغني عن الرصيد الأخلاقي أو العلمي.

وقد علمنا الإسلام أن من حسن إسلام المرء تركُه ما لا يعنيه، وأن الناس لا يصلح حالهم إلا إذا تولّى كل ذي اختصاصٍ شأنه، واحترم كل امرئ مجاله، وتكلم أهل الفهم في موضع الفهم، وسكت من لا يعلم حتى يتعلم.

والمجتمعات الناهضة لا تنهض بالصخب، بل تنهض بالعلم، والخبرة، والعمل الصادق، وبإقصاء المُدّعين، لا بتصديرهم.

فلنحذر من المتطفلين، لا كأفراد فحسب، بل كظاهرة، تحتاج إلى وعي جماعي لفرز الغث من السمين، والصدق من الادّعاء، والبناء من الهدم.