الجمعة 6 يونيو 2025 12:50 صـ 9 ذو الحجة 1446 هـ
قضية رأي عام
رئيس مجلس الإدارة هشام ابراهيم رئيس التحرير محمد صلاح
×

فاتن فتحي تكتب .. المهارات التي ينبغي توافرها في طواقم تمريض علاج المدمنين

الأربعاء 4 يونيو 2025 09:48 صـ 7 ذو الحجة 1446 هـ
فاتن فتحي
فاتن فتحي

التمريض في مراكز علاج الإدمان مهنة تتطلب أكثر من مجرد مهارة طبية، إذ يُعد التمريض في مراكز علاج الإدمان من أكثر التخصصات حساسية وتعقيدًا في المجال الصحي، لما يتطلبه من مزيج دقيق بين المهارات الطبية والفنية، والقدرات النفسية والإنسانية. فالمرضى المدمنون ليسوا فقط أشخاصًا بحاجة للعلاج من آثار جسدية لمواد سامة، بل هم كذلك يعانون من اضطرابات نفسية، وتجارب حياتية قاسية، وسلوكيات تحتاج إلى احتواء وفهم.
الركيزة الأولى لطواقم التمريض في مراكز علاج الإدمان هي الكفاءة الطبية. يجب أن يمتلك الممرض أو الممرضة قدرة متقدمة على مراقبة العلامات الحيوية، وإدارة أعراض الانسحاب، وتقديم الأدوية بدقة وحذر شديد، خاصة وأن بعض الأدوية المستخدمة في مراحل العلاج قد تكون ذات تأثير نفسي أو تحتاج رقابة مشددة. كما يجب على طواقم التمريض أن يكونوا مدربين على الإسعافات الأولية لحالات الطوارئ كالتشنجات، أو فقدان الوعي، أو الأزمات القلبية الناتجة عن تعاطي الجرعات الزائدة.
بالإضافة إلى المهارات التمريضية العامة، ينبغي أن يتمتع الممرضون في هذا المجال بمهارات فنية خاصة، مثل القدرة على التعامل مع الأجهزة المستخدمة في الرصد المستمر لحالة المريض، وتوثيق البيانات الطبية بدقة ضمن برامج إلكترونية معتمدة، وتحضير وحقن الأدوية بطريقة آمنة. كما تتطلب هذه الوظيفة فهماً دقيقًا للبرتوكولات العلاجية الخاصة بالإدمان، والتفاعل مع فرق العمل المتعددة التخصصات من أطباء نفسيين وأخصائيين اجتماعيين.
القدرات النفسية والصبر والانضباط الانفعالي.. من أكثر ما يميز التمريض في مجال الإدمان هو الحاجة إلى توازن نفسي عالٍ. كثير من المرضى يعانون من نوبات غضب، اكتئاب، قلق، وهلاوس. هنا يصبح الصبر، وضبط النفس، والتعامل المتزن أمرًا حاسمًا. لا يمكن للممرض أن يُظهر خوفًا أو نفورًا أو تسرعًا في الحكم على المريض. بل عليه أن يكون داعمًا نفسيًا في لحظات ضعف قد تكون فاصلة في حياة المدمن.
مهارات التواصل والتعاطف والاحتواء.. طواقم التمريض الناجحة في هذا المجال لا تكتفي بالعلاج الجسدي، بل تكون أداة دعم عاطفي. التواصل الفعال مع المدمن يتطلب لغة جسد مطمئنة، ونبرة صوت هادئة، واستماعًا حقيقيًا دون إصدار أحكام. كثير من المرضى يعيشون حالات من الذنب أو النبذ الاجتماعي، ويكون الممرض هو أول شخص يستمع إليهم بعين الرحمة لا بعين الإدانة.
المعرفة بالثقافة النفسية والسلوكية للإدمان.. إن التعامل مع حالات الإدمان يستوجب إلمامًا نفسيًا وسلوكيًا بأنماط الإدمان المختلفة، وفهم آليات الدفاع النفسي لدى المرضى مثل الإنكار أو الإسقاط. كلما كان الممرض على دراية بالمفاهيم النفسية الأساسية، كلما تمكن من التعامل بشكل أكثر احترافية مع التحديات السلوكية والذهنية التي يواجهها المريض خلال مراحل العلاج المختلفة.
أخلاقيات المهنة والسرية المهنية.. من الجوانب الجوهرية في عمل طواقم التمريض في مراكز علاج الإدمان الالتزام الصارم بأخلاقيات المهنة، وعلى رأسها احترام خصوصية المرضى والحفاظ على سرية المعلومات. فالكثير من المدمنين يخشون من الوصمة الاجتماعية، ويجب أن يشعروا بالأمان والثقة التامة في الفريق العلاجي.
بالنهاية ينبغي التأكيد على ان العمل في مجال التمريض لعلاج المدمنين ليس مجرد وظيفة، بل هو رسالة إنسانية تتطلب قلبًا قويًا وعقلًا واعيًا ونفسًا متزنة. فكل مريض إدمان هو فرصة لإنقاذ حياة، وطواقم التمريض هي الجسر الأول نحو التعافي. لذا، فإن إعداد وتدريب هذه الطواقم بمهنية عالية وتقدير لدورهم النفسي والإنساني هو أمر لا غنى عنه لضمان نجاح برامج علاج الإدمان.