السبت 17 مايو 2025 07:23 صـ 19 ذو القعدة 1446 هـ
قضية رأي عام
رئيس مجلس الإدارة هشام ابراهيم رئيس التحرير محمد صلاح
×

الدكتور يسري جبر: نداء النبي ﷺ لأم سلمة بـ”يا ابنة أبي أمية” تكريمٌ لها وتقديرٌ لمكانة أبيها بين العرب

الجمعة 16 مايو 2025 11:51 مـ 18 ذو القعدة 1446 هـ

أشار الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، إلى أحد المواقف التي تحمل دلالات عظيمة في السيرة النبوية، حين نادى النبي ﷺ أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها قائلاً: "يا ابنة أبي أمية"، لافتًا إلى أن هذا النداء يُبرز تكريم النبي ﷺ لها وتقديره لأبيها أبي أمية بن المغيرة المخزومي، الذي كان من أشراف قريش وأكرم العرب.

وأوضح الدكتور يسري جبر، خلال حلقة برنامج "أعرف نبيك"، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمعة، أن أبا أمية كان يُعرف بلقب "زاد الراكب"، لأنه كان إذا خرج في سفر مع قومه أمرهم ألا يحملوا معهم زادًا، وتكفل بإطعامهم جميعًا من كرمه وسخائه، فكان مثالًا في الجود والكرم، وهذا يُظهر لنا عِظم النسب والمكانة التي كانت لأم سلمة رضي الله عنها، ويبيّن كيف أن النبي ﷺ كان يتزوج من نساء لهن نسب عريق وفضل كبير، فيجمع بين شرف الدين والنسب، بحسب قوله.

وأضاف أن السيدة أم سلمة كانت من فقيهات الصحابة، وعُرفت برجاحة العقل وحسن تقدير الأمور، وتزوجها النبي ﷺ بعد وفاة زوجها أبي سلمة، الذي كان من أوائل من هاجروا إلى الحبشة والمدينة، وترك في نفسها أثرًا عميقًا. وقد علمها النبي ﷺ دعاء الصابرين عند المصيبة: "اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها"، فاستبعدت أن يُخلفها الله خيرًا من أبي سلمة، فإذا بها تتزوج خير خلق الله أجمعين ﷺ.

وتطرق الدكتوريسري جبر، إلى مسألة اختلاف القول والفعل النبوي، مستشهدًا بحديث ورد عن أم سلمة رضي الله عنها، أن النبي ﷺ صلى بعد العصر، رغم نهيه عن الصلاة في هذا الوقت، وهو ما استنبط منه المالكية قاعدة أصولية، مفادها أن: "إذا خالف فعل النبي ﷺ قوله، ففعله يكون خاصًا به، وقوله هو الحكم العام لأمته".

ولفت إلى أنه بحسب المالكية، فإن هذا يبيّن أن النهي عن الصلاة بعد العصر باقٍ للأمة، وأن فعل النبي خاصٌ به ولا يُقاس عليه، أما الشافعية فاشترطوا النص على الخصوصية حتى يُفهم أن الفعل خاص بالنبي، مستشهدين بقوله ﷺ في الوصال: "إني لست كهيئتكم، إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقين".

وتابع: "الشافعية يرون أن كل صلاة لها سبب سابق — كتحية المسجد، وسنة الوضوء، وصلاة الجنازة — يجوز أداؤها في وقت الكراهة، بينما الصلاة التي لها سبب لاحق — كصلاة الاستخارة أو الإحرام — لا تُصلّى في ذلك الوقت".

وأكد على أهمية فهم تفاصيل المذاهب الفقهية وعدم أخذ النصوص بمعزل عن سياقها: "هكذا نقرأ السيرة، لا لمجرد الحكاية، بل للفهم والفقه، لأن في كل فعل للنبي ﷺ درسًا، وفي كل موقف حكمة، تُضيء لنا الطريق في ديننا ودنيانا".