الإثنين 12 مايو 2025 10:40 صـ 14 ذو القعدة 1446 هـ
قضية رأي عام
رئيس مجلس الإدارة هشام ابراهيم رئيس التحرير محمد صلاح
×

حسن سمير يكتب.. ”الإيجار القديم” بين مطرقة الملاك وسندان المستأجرين

الإثنين 12 مايو 2025 05:54 صـ 14 ذو القعدة 1446 هـ
الصحفي حسن سمير
الصحفي حسن سمير

في ظل تصاعد الجدل المجتمعي حول قانون الإيجار القديم، تتابع الأوساط المعنية حالة الشد والجذب بين الحكومة والملاك والمستأجرين، بشأن أحد أكثر القوانين إثارةً للجدل في مصر خلال السنوات الأخيرة يعود هذا القانون إلى عقود مضت، حيث جاء في سياق استثنائي عقب الحروب والأزمات الاقتصادية، وكان بمثابة وسيلة لحماية المستأجرين من تقلبات السوق العقاري ومخاطر الطرد القسري إلا أن تساؤلاً جوهريًا يفرض نفسه في الوقت الراهن: هل ما زال هذا القانون ملائمًا للواقع الاقتصادي والاجتماعي الذي نعيشه اليوم؟.

يعبر عدد كبير من الملاك عن استيائهم مما يصفونه بـ"الظلم الواقع عليهم" بسبب التزامهم بعقود إيجار قديمة ذات قيم مالية زهيدة لا تتناسب مع متغيرات السوق. في بعض الحالات، لا يتجاوز الإيجار الشهري للوحدة العقارية عشرة جنيهات، حتى وإن كانت في مناطق راقية. هذا الواقع يحرم الملاك، حسب قولهم، من حقهم المشروع في الاستفادة من ممتلكاتهم أو تطويرها أو حتى التصرف فيها بوراثيًا، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة تتطلب إعادة النظر في هذا الوضع.

على الجانب الآخر، يتمسك كثير من المستأجرين بما يعتبرونه "حقًّا مكتسبًا"، إذ يعيش البعض في هذه الوحدات منذ عقود، وأحيانًا عبر أجيال متعاقبة. ويخشون من أن أي تعديل مفاجئ على القانون قد يؤدي إلى فقدانهم لمأواهم، خاصة كبار السن ومحدودي الدخل الذين لا يملكون القدرة على تحمل تكاليف الإيجارات الجديدة في ظل ارتفاع الأسعار ويطالب هؤلاء بأن تكون أي تعديلات مستقبلية متدرجة وعادلة، تراعي الأبعاد الاجتماعية والإنسانية.

وفي هذا السياق، تتعالى الأصوات المنادية بحل وسطي يجمع بين العدالة والاستدامة ويقترح البعض البدء بخطة إصلاح تدريجية، تأخذ في الاعتبار مستوى دخل المستأجر وموقع العقار، مع ضرورة تدخل الدولة لتوفير بدائل سكنية مناسبة للشرائح الأكثر تضررًا إذ أن التغيير، وإن كان مطلوبًا، يجب أن يتم بطريقة تراعي الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية، ويضمن الحماية للطرفين دون إقصاء أو إخلال بالحقوق.

في المحصلة، يبدو أن قانون الإيجار القديم أصبح بحاجة ماسة إلى مراجعة شاملة توازن بين حقوق الملاك واحتياجات المستأجرين، بما يعيد الانضباط إلى سوق العقارات ويعزز العدالة الاجتماعية. يبقى السؤال الأهم: هل تمتلك الدولة والشركاء في هذا الملف الإرادة السياسية والاجتماعية لاتخاذ قرارات إصلاحية متزنة؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة.

موضوعات متعلقة