قضية رأي عام

مظهر شاهين: اللجوء إلى «البَشِعَة» فى فض الخصومات

السبت 6 ديسمبر 2025 11:36 صـ 15 جمادى آخر 1447 هـ
مظهر شاهين:  اللجوء إلى «البَشِعَة» فى فض الخصومات

مظهر شاهين: بيان بشأن اللجوء إلى «البَشِعَة» في فضّ الخصومات

يؤكّد هذا البيان أن ما يُعرَف بـ«البَشِعَة» لا يمتّ إلى القضاء الشرعي ولا إلى القواعد العادلة بصلة، بل هو ممارسة جاهلية محرّمة شرعًا، تمثل اعتداءً على كرامة الإنسان ومنظومة العدل التي جاء بها الإسلام. فالشرع الحنيف أقام أحكامه على البينات الواضحة والإجراءات المنضبطة، وصان الحقوق من العبث والابتزاز والترويع.

وتُعدّ «البشعة» صورة من صور الكهانة وادعاء معرفة الغيب، تشبه ما نهى عنه القرآن في قوله تعالى: {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ}، إذ تعتمد على الخرافة لا على الدليل، وتفتح أبواب الفساد وتضييع الحقوق. كما أنها تنطوي على ألوان من الإيذاء والتعذيب، وفي مقدمتها التعذيب بالنار الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «إن النار لا يعذب بها إلا الله»، وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا: «إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا». فضلًا عن النهي عن المُثلة والعبث بخلق الله.

ولا تتوقف أضرار «البشعة» عند لحظة ممارستها، بل تمتد إلى ما يخلفه اللجوء إليها من وصمة تلازم المتهم حتى لو ثبتت براءته، وما تسببه من اضطرابات نفسية واجتماعية، واتساع في دائرة الاتهام بلا بينة، في مخالفة صريحة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لو يُعطى الناس بدعواهم، لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه»، وفي حديث آخر: «البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه».

ولما كانت طرق الإثبات في الشريعة محددة وواضحة، فإن «البشعة» تمثل جريمة شرعية وإنسانية؛ لما تشتمل عليه من إكراه، وإذلال، وتعذيب، وتعدٍّ على اختصاص القضاء، واستغلال لضعف المحتاجين، ومخالفة لقاعدة «لا ضرر ولا ضرار». ومن ثم لا يجوز شرعًا التحاكم إليها، ولا إكراه أحدٍ عليها، ولا اعتبار نتائجها في أي نزاع، بل الواجب ردّ القضايا إلى القضاء المختص، حيث العدل والبينات والإجراءات القانونية السليمة.

كما يحرم نشر الصور والمقاطع والأخبار التي تروّج لهذه الممارسات؛ لأنها تُشيع الباطل، وتُحيي عادات جاهلية، وتؤذِي كرامة الإنسان، وتزيد النزاعات، وتهبط بالوعي العام والذوق المجتمعي.

نسأل الله تعالى الهداية والرشاد، وأن يحفظ الناس في حقوقهم وكرامتهم، وأن يجنب المجتمع الفتن وأساليب الظلم والإيذاء.

وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.